المرأة العاملة وظلم المجتمعات.
إن الغاية التي تقصدها المرأة بغرض العمل, لا تَعْدُ أَن تنحصر بين سببين من وجهة نظرٍ متواضعة لا أرَ ثالث لهما.. السبب الأول: هو البعض من النساء يُرِدْن من العمل بغرض كسب العلاقات الإجتماعية من أَجْل البريستيج والتظاهر بأَنَّهُن ربات مجتمع راقٍ, وما يندرج من فروع تتمثل في الإفراط في العلاقات الإجتماعية مع الجنس الآخر بحجة تبدو فضفاضة عند الكثيرات منهن, وهي تلك الحجة القائلة بأَن ذلك الشخص هو مجرد زميل في العمل يجمع بينهما عملٌ مشترك, وفي حقيقة الأمر تكون خلف تلك العلاقة الكثير من علامات الإستفهام الغامضة.. التي تنعكس تصرفات المرأة في ظل هذه العلاقة على تعابير وجهها, حال ورودها مكالمات هاتفية وإحجامها عن الرد في حضرة جماعة من القوم. وهنا لا يحق لي أَن أعمم, فلا يعلم بالسرائر سوى رب السرائر, ربما تكون محقة في كون تلك العلاقة التي تجمعها بالجنس الآخر هي حقاً علاقة عمل, ولكن القراءة التحليلية التي وردت أعلاه في السبب الأول تبدو منتشرة بشكل خَفيّ وبكثرة تختبئ خلف الكثير من وسائل التواصل المجانية المصدر.
السبب الثاني الذي يدعو المرأة للعمل وللدخول إلى غابة مليئة بالذئاب وبالحشرات الصغيرة الخطيرة السم: هي الحاجة المُطْلَقة, سواءً كانت تلك الحاجة متمثلة في كونها مسؤولة بشكل مضاعف على أسرتها لسبب ما. وفي هذه الحالة, ترى المرأة نفسها محاصرة ما بين تنازلات تُفْرَض عليها من أرباب العمل, وإن لم تخضع لتلك التنازلات يُرْفَع في وجهها سلاح يخرج مِن فيه رصاص الطرد من العمل. حتى في بيئة العمل ذاتها, ترى نفسها تلك المسكينة مضطرة لذلك التعامل المزدوج مع لئام الطباع, ومحاولة اتقاء شرورهم ما استطاعت إلى ذلك طريقاً, فأولئك اللئام كالثعابين التي تسير وتبْسُق يمنةً ويسرةً حتى تدافع عن نفسها..
أَما عن علاقة المرأة العاملة بشكل مطلق مع المجتمعات, فهي تخضع لموازين ومعايير الإختلاف بين كل مجتمع وآخر.
ولكن هناك نقطة تجمع بين تلك المجتمعات, تلك النقطة التي تبدو بمثابة اللب والمُوَلِّد الرئيسي: هي أَن الكثير من المجتمعات تلقي بالضغط المضاعف على المرأة العاملة, وتحاول الخلط بين ضرورة عملها وإجبارها بذلك الجهد المضاعف التي ينبغي لها أَن تقوم به في منزلها, ويبدو الأمر أكثر لؤماً إذا ما كانت متزوجة وعاملة في ذات الوقت. ففي ذلك المقام, ربما يحاول الرجل التفنن في إلقاء اللوم عليها بسبب أي تقصير لا إرادي منها, وكأَنه يحاول أَن يجلس على ضفاف الصحاري حاله كحال أي ذئب صياد يتربص لفريسة أرهقها السير على طرق الشوك المعبدة..
إن الكثير من المجتمعات ترى من المرأة جسدها وضرورة أَن يبقى ذلك الجسد على أهبة الإستعداد لشهوة متطفلة من رجل مهووس, يضرب بعرض الحائط الأسباب النفسية التي تجعل المرأة غير مهيئة لممارسة طقوس المرأة الضعيفة التي تخضع تحت أنقاض الغريزة الذكورية المريضة, فلا فرق عند هؤلاء إن كانت امرأة عاملة أو إن كانت ربة منزل.